Posts

Showing posts from April, 2020

بعد مرور 94 يوما على تفشي الوباء

Image
الاثنين 30 مارس (بعد مرور 94 يوما على تفشي الوباء عالميا) سمعت ذات مرة من يقول: نحن نعلّم أطفالنا الكلام في صغرهم حتى يتقنوه. ثم بعدها نقضي العمر نطالبهم بالصمت! أدرك أن المقولة لها مآرب غير التي في رأسي اليوم. الصمت والسكينة والركن إلى الذات من مقومات إعادة البناء الداخلي لدي. قد أمر بحالات أشعر فيها بالرغبة لكثير من الثرثرة، لكني أرجع فأصبح قليل الكلام، راكنا إلى العمل بهدوء، بل وبصمت تام أحيانا. يحدث أن نرتب دواخلنا بشتى الأساليب. كل منا يتعلم كيف يتعامل مع ذاته، مع أفكاره، وهواجسه، وسعادته، وكل ما يمر بخلده. وبالنسبة لي، فالصمت والوحدة أجداها نفعا. الصمت لغة بليغة، جزلة الألفاظ! يمكنه إيصال أعمق ما لديك من أفكار للآخر. بل قد يكون مرتعا لحوار خصب تقول فيه كل شيء دون أن تنبس ببنت شفة. تتداولان في صمتكما الآراء وعلى أوتاره تراقصان الكلمات. يخطئ من يظن أن الصمت لا صوت له. بل قد يصبح الصمت ثرثارا في بعض الأحيان. لأمواجه هدير يصم الآذان. وكما للصوت طبقات، فللصمت أيضا طبقات يمكن لوقعها أن يخترق الأذن ويصل لثنايا الروح. يقال أيضا أن لكل مقام مقال. فإن كنت تريد

العودة للعمل.. و"الجنية" مستعد لمساعدة ترامب

Image
الأحد 29 مارس (بعد مرور 93 يوما على تفشي الوباء عالميا) (العودة للعمل.. و"الجنية مستعد لمساعدة ترامب) أعلنت البحرين خطة إجلاء البحرينيين العالقين في مختلف بقاع العالم، والتي تشمل نحو 1600 بحريني من اجمالي العدد البالغ نحو 3 آلاف عالقين في الخارج. الخطة تشمل 18 رحلة جوية تبدأ منذ غد الاثنين وتنتهي في 28 مايو القادم. كان اليوم هو يومي الأول للرجوع إلى العمل أنا ومجموعة كبيرة من الزملاء الذين أجبروا على الحجر المنزلي طوال الأيام الفائتة. رحب بنا زملاؤنا الآخرين بعد أن غبنا عنهم قرابة أسبوعين. علق أحدهم ممن عملوا خلال الأسبوع الماضي بالقول: "كان المكتب شبيه بمدينة الأشباح لخلوه." استمرت أجواء التوتر والقلق فيما بيننا ونحن نحاول ألا نصافح زميلا أو نتداول ورقا أو حتى نمس سطحا. نطلق التعليقات الساخرة تخفيفا لحالة القلق المكتنزة داخل نفوسنا. يخاف الواحد منا أن تنتابه نوبة عطس أو تفاجئه سعلة تثير النظرات الحادِجة. في سابقة صنعت خبرا طارت به وكالات الأنباء، قامت مذيعة فوكس نيوز "شانون بريام" التي تخضع لحجر صحي منزلي بوضع لقطات على حسابها في انستغر

سارة وصديقتها

السبت 28 مارس (بعد مرور 92 يوما على تفشي المرض عالميا) سارة ابنتي لها صديقة خالطت إخوة لها ثبت إصابتهم بالفايروس، فعاشت الاثنتان "سارة وصديقتها" قلقا لم ينته حتى رأيت الصدمة في وجهها هذا الصباح وهي تبلغني أن صديقتها أصيبت بالفايروس هي الأخرى وتم نقلها للحجر في مركز كانو. لم ينشرح وجه سارة إلا قرب الظهر بعدما اطمأنت على صديقتها وهي "تشاركها" من المحجر وجبات الطعام وترى تنقلاتها في المحجر وهي تشير: "الحين بتنزل تروح تسوي ليها كوفي (قهوة) من المطبخ". ورأيت أنهما في أثناء محادثتهما استوقفها طبيب يمازحها كدأب أعضاء الفريق الطبي للترويح عن المحجورين. لا يجب أن تفوت لحظة دون التأكيد على أن الطواقم الطبية أثبتت قدرتها على تحمل المسؤولية بكل جدارة وهمة وأريحية، وأنهم كانوا مثالا للأخلاق والتعامل الراقي رغم ما يمرون به بظرف حافظوا خلاله بوجه لبقة باشة المحيا ما يدعو للفخر. هل قلت أن الإحساس الأول الذي ستصدم به حين تخرج من البيت هو رؤية الناس تبحث عن الفايروس في عينيك؟ هذا ما أحسست به فعلا اليوم وأنا أنتقل في للقيام بأعمالي المختلفة بين شتى الأم

يقل شكر الإنسان ويبدو له حتى أكل العصافير للتوت شدة

Image
الجمعة 27 مارس (بعد مرور 91 يوما على تفشي الوباء عالميا) يحط العصفور على شجرة التوت قبل ساعة الفجر. يأكل من الثمرة الناضجة. يأكل ما يحتاجه منها فقط. ولا يعتدي على التوت الذي لم ينضج بعد. لا يكسر غصنا. لا يطرد غيره من الطيور. ولا يمنعها من أن تحط بجواره لتشاركه ثمار الشجرة. وهو حين يغادر لا يحمل معه من الثمر شيئا ليأكله في وقت لاحق، ولا ليحتفظ به لصيف قادم. وقبل أن ترسل الشمس أشعتها في الكون، يفرد العصفور جناحيه ويغادر. يأتي الرجل ساعة الضحى. حاملا سلالا كبيرة ليملأها بالتوت. تلاحق عيناه الثمر الأسود الناضج فتعلوه الابتسامة. الشجرة يانعة وتحمل الكثير من التوت اليوم. يفرد السلال، يملؤها واحدة تلو الأخرى. سلال كلها مجهزة للبيع في السوق، فهو لا يكتفي بالأكل من الشجرة. لكنه في كل مرة يرى أثر العصفور في ثمار التوت يلعنه بشتى السباب. ويتهمه بالطمع والتعدي فهو لا يكف عن "سرقة" الثمر، وخاصة تلك الناضجة فيفسدها بمنقاره. يتوعد الرجل العصفور بالشباك رغم أنه لم يحدث أبدا أن خسر حصاده بسبب نقراته الصغيرة. وما صار أبدا أن توقفت الشجرة عن الإثمار عاما بعد عام. ولم يحدث أن ت

آخر أيام الحجر المنزلي

Image
الخميس 26 مارس (بعد مرور 90 يوما على تفشي الوباء عالميا) (آخر أيام الحجر المنزلي) كنت أقرأ تفاصيل خبر وصول الدفعة الثانية من البحرينيين القادمين من إيران. جاؤوا على متن طائرة إيرانية وليس أوكرانية كما أشيع. كما أنها لم تقل سوى 61 فردا، جلسوا في الطائرة متباعدين حتى وصولهم لمطار البحرين نحو ساعتين قبيل منتصف الليل. اليوم هو الأخير بحسب المدة المعطاة لي للحجر المنزلي. قد يحبس الإنسان نفسه مدة من الزمن بشكل طوعي ولا يشعر بمدة هذا الحبس. أما أن تكون في أوج نشاطك وفجأة يتنزل عليك أمر بالبقاء في المنزل، فربما ستحاول كسر هذا الطوق بما جبلت عليه من روح العناد والرفض. أقول ربما، ولا أنصح به. هما خبران، أو حدثان إيجابيان لبدء اليوم على كل حال. الرتابة الصادرة من أرجوحة ضحى لم تعد كئيبة هذا الصباح. فتحت النافذة بمقدار أكبر مما اعتدته في الأيام الفائتة. دخل منها مزيدا من الضوء مصحوبا بنسمات هواء لأواخر أيام الشتاء. مر الشتاء هذا العام دون أن نشعر بمتعته. انتهى وقت الحجر بالنسبة لي عند الساعة الرابعة بعد العصر. أول خطوة خطوتها للخارج، لاحظت فردة قفاز مرمية بالقرب من مدخل

سابع أيام الحجر.. مجهري يشل الحياة، ويحول الدول إلى كانتونات مغلقة

Image
الأربعاء 25 مارس (بعد مرور 89 يوما على تفشي الوباء عالميا) (سابع أيام الحجر المنزلي) أول ما فاجأني هذا الصباح، وأثار ضحكي وشجني في آن واحد، هو تغريدة لأحد النواب يشكر فيها "تجاوب البنوك، والبنك المركزي، وفريق البحرين" على ما "طرحه" لتأجيل القروض من غير فوائد. مصيبة عظيمة ابتلينا فيها. مصيبة هؤلاء النواب فعلا. يكذب الفرد منهم كذبة على نفسه، وعلى من هم حوله، ثم يصدقها ويظل يركض بها يمينا وشمالا مذيعا لها ليلا نهارا كإنجاز له وهو يعرف أنه لا ناقة له فيها ولا جمل. ربما هو أسلوب "اكذب اكذب ثم اكذب، حتى يصدق العالم كذبتك". المبادرة حكومية من الأساس. وطرحها وزير المالية ضمن سلسلة من المبادرات التي اتخذتها الحكومة لتأمين السيولة في السوق وتوافرها لضمان استمرارية الحياة. وحينما صار حول تفاصيلها لغط، وتساءلت بعض البنوك عما إذا كانت ستغير أسعار الفائدة بعد هذا التأجيل، أصدر البنك المركزي بيانا توضيحيا أن القروض التي ستؤجل لن يتم احتساب فوائد إضافية عليها، ولا رسوم مصرفية، ولن تتغير الفوائد المرحلة عما هي عليه. تواصلت مع مسؤولين في المصرف المركزي، و

سادس أيام الحجر.. وباء برتم أرجوحة

Image
الثلاثاء 24 مارس (بعد مرور 88 يوما على تفشي الوباء عالميا) (سادس أيام الحجر المنزلي) لا توجد لدي رغبة في القيام بأي شيء هذا اليوم. كل المؤشرات توحي أننا مقدمون على أيام صعبة. الكل مجمع على هذا التصور. كان الضوء الوحيد في الغرفة يأتي من الخارج عبر الجزء المزاح من الستار. أسمع صوت الأرجوحة في حديقة المنزل، مع كل رواح وغدو لها طوال الوقت. تستمر ضحى في التأرجح لمدة طويلة ما يثير استغرابي الشديد. كيف لا تمل من القيام بذلك لساعات؟ أغمض عيني وأغفو، لأصحو بعدها والصوت لا زال مستمرا. الصوت الرتيب الصادر منها يزيد إحساسي بالملل، وربما بالحزن كذلك. فيكمل هذا الإحساس صورة المشهد الذي نعيشه هذه الأيام. لم أحبب التشاؤم وما تقربت يوما من لابسيه، لكنها حالات يمر بها المرء حينما تتواثب عليه الأحداث القاتمة يوما بعد يوم. لا خبرا حتى الآن عن العالقين في إيران. لا يفتأ يطاردني صوت المرأة العجوز وهي تتحدث بانكسار وصوت متهدج لا زال يبحث عن أمل رغم يأسه: "شوفوا لينا صرفة. شوفوا لينا فرج. تعبنا!" لها كل الحق في أن تتعب بعد أن تم إلغاء (أو تأجيل) رحلتهم من مدينة مشهد الإيراني

خامس أيام الحجر.. أنا المزارع

Image
الاثنين 23 مارس (بعد مرور 87 يوما على تفشي الوباء عالميا) (خامس أيام الحجر المنزلي) استيقظت اليوم قبل طلوع الشمس. أحب هذا الوقت كثيرا. ليس لدي الكثير للقيام به في هذه الأيام. بل لا يوجد ما أقوم به فعلا. القراءة، والكتابة، والأكل والشرب، والاحتباس في غرفة لا تطل نافذتها سوى على ممر يفصل منزلي عن المنزل المجاور. الهواء القادم من الخارج لا زال منعشا. وصوت الحمام والعصافير في هذه الساعة من اليوم جميل يبعث على الراحة. تأملت في الأصوات تلك واستطعت تمييز عشرة أنواع منها على الأقل، بينها ثلاثة أشكال لزقزقة العصافير، واثنين لهديل الحمائم، وصوت طائر المينة، وأصوات أخرى ميزتها لطيور لا أعرف أسماءها. من محاسن هذه الأيام أنها تركت مساحة للطيور لتعود للطرق المزدحمة عادة بالسيارات. لم يمتنع الناس عن الخروج بعد، لكن قل عدد الخارجين، فاستغلت الطيور الفسحة المتاحة لها لتحط على الأسطح القريبة. غياب المزارع البنغلاديشي عن المنزل جعلني أمام مسؤولية الاعتناء بالحديقة وما فيها من نباتات مستغلا الوقت المبكر قبل استيقاظ من بالمنزل. بدأ