إصابة زميلة ثانية بالعمل



الأحد 5 أبريل
(بعد مرور 100 يوم على تفشي الوباء عالميا)
(إصابة ثانية بالعمل)
أرسم دائرة. أوسّع قطرها. أبعد حدودها عن المركز الذي أقف فيه حتى تكبر كمية الأوكسجين التي فيها ولأتنفسه بحرية أكبر. أسمع الأخبار فتضيق الدائرة. وأحادث الزملاء فيصغر قطرها. أمد يدي لمحيطها، دافعا إياه للبعيد. باذلا جهدا أكبر في إبعاده لأقصى ما يمكن. تمتلئ رئتاي بالهواء. أتنفس قليلا. وما يلبث المحيط حتى يتراجع إلى حيث كان، وهو يسارع في مواكبة تصاغر القطر، فيضيّق الخناق مرة أخرى. أزفر متعبا. أجهدتني محاولات رسم دائرة أكبر بيني وبين الفايروس. الدائرة تشمل كل من أراهم مضطرا أو راغبا. الأسرة. العائلة الأكبر. الأصدقاء. الزملاء. الباعة في الأسواق ومرتاديها.

إلا أن القدر له حساب غير الأخماس والأسداس التي نضربها في بعض. وللقدر دائما القول الفصل.
يقال إن ما تخشاه يسعى إليك. قد ينطبق هذا جدا على زميلتنا (نون). فهي تكاد تكون الأكثر حرصا بيننا على الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي حتى قبل هذا الوباء الجارف. ستعترض على من يصاب من زملائها بالزكام ويستمر للمجيء في العمل، وستعطيه درسا في ضرورة العمل من المنزل إن كان يعاني من الإنفلونزا.

لكننا استيقظنا اليوم على خبر مفاده أن (نون) الحذرة جدا والتي لا تقترب من شخص يحمل حتى فايروس الزكام، أجرت اختبارا أظهر إصابتها بفايروس الكورونا. كما أثبتت التحاليل إصابة زوجها، وكذلك أطفالها.
حدثت معها بعد الظهر. كانت في مستشفى جدحفص الذي تم تحويله من مستشفى للولادة، وأعدّ خصيصا لمعالجة المصابين تخفيفا على الضغط الحاصل في مستشفى كانو. لم تكن على ما يرام. كانت تشتكي من قِدَمِ المستشفى ومرافقه. تم إدخال زوجها وحدة العناية المركزة بمستشفى السلمانية، وهو ما شكّل ضغطا كبيرا عليها يضاف للإصابة بالفايروس.

في البحرين، بلغ عدد الحالات القائمة حتى اليوم 267 مصاب بالفايروس، أربعة منهم فقط في العناية المركزة.
أما قطر والإمارات فقد بدأ يرتفع فيهما عدد المصابين يوما بعد يوم بشكل متسارع. فقد بلغ عدد المصابين في يوم واحد ما يقارب 300 حالة.

يلعب الأب دورا كبيرا في المنزل. أحد أهم الأوجه التي يجب عليه الالتفات لها هو حجم التقدير الذي يحمله أبناءه تجاه أنفسهم. وقد قررت منذ سنوات أن آخذ على عاتقي تشجيع عيالي على التعبير عما يجول في خاطرهم والمشاركة به. محمد ابني يحب لعب الكرة مثل أغلب الأطفال في سنه. ولأنه لا يحب الهزيمة أبدا فتأثره يبدو جليا حين أغلبه في "المباراة" التي نلعبها في صالة المنزل. لهذا فأسمح له بهزيمتي بين فينة وأخرى. بل حين ألاعبه لا يحدث أن أغلبه إلا لمما. إذ لم يخلق الآباء لهزيمة أبنائهم.
وبما أن المعطيات تدل على بقاء الوباء بين ظهرانينا لوقت طويل، فالواقع يقول إن هزائمي الكروية ستطول هي الأخرى.

Comments

Popular posts from this blog

سادس أيام الحجر.. وباء برتم أرجوحة

سارة وصديقتها

زيارة جميلة