الشحنة المسروقة


السبت 4 أبريل
(بعد مرور 99 يوما على تفشي الوباء عالميا)
(الشحنة المسروقة)

كنت أظن اليوم سيمضي دون أن أجد ما أكتب عنه.
حتى أنني وضعت عبارة "لا شيء للكتابة" كعنوان لأحداث اليوم.
غير أن الأحداث تأبى إلا أن تفرض نفسها. نشرت وكالات الأنباء بيانا لوزارة الخارجية الإسبانية يفيد بأن السلطات التركية استولت على أجهزة تنفس تحملها طائرة نزلت في أنقرة في طريقها من الصين إلى إسبانيا.
وأضافت أن الحكومة التركية فرضت قيوداً على صادرات الأجهزة الطبية على أراضيها، بدافع قلق الأتراك من عدم قدرتهم على الحفاظ على نظامهم الصحي.

وتعد هذه الشحنة ثمينة، لأنها تحتوي على أجهزة تنفس لعلاج مرضى فايروس كورونا الخاصة بوحدات العناية المركزة، وفق وسائل إعلام إسبانية.

واحتجزت الجمارك التركية الشحنة بعد إيقاف الطائرة القادمة من الصين، يوم السبت الماضي، واستولت على أجهزة التنفس التي تحتاجها إسبانيا بشكل عاجل لوقف نزيف ضحايا الوباء الفتاك.

عدد الإصابات في إسبانيا تخطى نظيره في إيطاليا التي كانت الدولة الأكثر عرضة له في الأيام السابقة. حيث أعلنت السلطات الإسبانية أمس الجمعة عن تسجيل أكثر من 900 وفاة بالوباء لليوم الثاني على التوالي، ليصل إجمالي الوفيات إلى أكثر من 10935.

لم تكن تلك المزاعم الوحيدة بالسرقة جراء انتشار الوباء بين دول العالم. فقد اشتكت إيطاليا قبل أيام من "سرقة" التشيك لأجهزة طبية وكمامات كانت مرسلة من الصين لإيطاليا. وقد نقلت الأخبار عن تبرير التشيك لهذا العمل بأنه "سوء فهم" وأن الشحنات لا يمكن إعادتها الآن بعد أن تم توزيعها بين المستشفيات.

في أوقات المصائب تتهاوى جميع المبادئ الزائفة، ولا يبقى منها سوى تلك المختلطة بالجينات، والمعجونة بالروح، والتي لا تحتاج لظرف لتبرز ولا لمناسبة لتظهر على السطح. بل هي ظاهرة بائنة في كل زمان ومكان. فالأخلاق، والمشاعر، والإنسانية لا ترتبط بشعب أو عرق أو دين أو عقيدة قبل أن تكون جذرا ضاربا في النفس، قادما من عالم خارج العالم. هي من يزرع المبادئ الحقة في النفس، ويجعلنا جزءً من كل. حينما يعترف الإنسان بأنه ليس محور هذا الكون، وأنه لن يتميز عن غيره بالموطن، أو العقيدة، أو القدرة، بل تمزه إنسانيته، واعترافه بأنه ليس سوى نقطة من بحر متلاطم من الشعوب، والعقائد، والأوطان التي خلقها الله لتعيش مع بعضها وليتعلم بعضها من بعض.


Comments

Popular posts from this blog

سادس أيام الحجر.. وباء برتم أرجوحة

سارة وصديقتها

زيارة جميلة