الفايروس يهزم حاملة الطائرات


الجمعة 3 أبريل
(بعد مرور 98 يوما على تفشي الوباء عالميا)

حاملتا الطائرات الأمريكيتان ثيودور روزفلت ورونالد ريجان تتواجدان في غرب المحيط الأطلسي وعلى متنهما ما مجموعه 180 طائرة حربية وأكثر من سبعة آلاف جندي.
أصاب بحارة السفينتين الوباء، وانتشر شيئا فشيئا بينهم. السيد "بريت كروزير" قائد حاملة الطائرات الأمريكية ثيودور روزفلت كتب رسالة وصفت بأنها "لاذعة" يطلب فيها اتخاذ إجراءات أشد لمكافحة تفشي الفايروس على متن السفينة التي تقل ما يزيد على أربعة آلاف شخص في مساحة ضيقة لا تتيح إمكانية التباعد الاجتماعي، ومبديا: "لسنا في حالة حرب. لا ضرورة لأن يموت البحارة."
تسربت الرسالة للإعلام، وأعفت البحرية الأمريكية "كروزير" مبررة إعفاءه بأنه لم يكن مسؤولا بما يكفي حين نشر الخوف بين البحارة برسالته.

حينما كنت مراسلا لوكالة رويترز، قمت بما لا يقل عن ثلاث رحلات لهذه السفن العملاقة التي كانت تشبه تماما مدنا متكاملة طافية على سطح المحيط. كنا نغادر إليها على متن طائرات هيلوكوبتر ونمضي يومين بليلة أو ليلتين في كل مرة، لنطلع على استعدادات البحرية الأمريكية للمشاركة في الأعمال العسكرية.
زياراتي تلك كانت أثناء اشتداد التوتر السياسي في المنطقة بين أمريكا وكل من العراق وإيران، فكنا نشاهد الطلعات التدريبية لعشرات طائرات F-16 وF-18 وبشكل متكرر في الليل والنهار لتحوم بأجواء المنطقة ثم تعود للحاملة التي تتألف من عدة أدوار وتحمل آلاف القمرات التي يبيت فيها البحارة ويتم تسييرها بالطاقة النووية. ولضخامة السفينة ومتانتها لم نكن لنشعر بأمواج البحر الضاربة فيها ولا بتيارات الرياح من حولها وكأنها ثابتة في مكانها.
في الزيارة الأولى في أواخر التسعينات، كنت بمعية مصور تلفزيوني لبناني، وحين اختلينا مع بعضنا في إحدى القاعات تهكم هامسا: "قال إيه قال تسقط أمريكا!"
تذكرت اليوم جميع ذلك وأنا أرى أن حاملتي طائرات أصبحتا عاجزتين عن أداء مهامهما العسكرية دون أن تطلق على أي منهما طلقة واحدة بسبب تفشي الفايروس بين الجنود. (كاريكاتور الهاشمي المأخوذ بإذن منه هنا يوصل هذه الفكرة ببراعة)


قبل أن أختم تعليقي على مجريات اليوم، أود الإشارة للغط الذي بدأت شرارته في الكويت يوم أمس وانتشر لبقية دول الخليج إثر مشاركة الفنانة "حياة الفهد" في برنامج حواري تلفزيوني، إذ تحدثت في حوارها الهاتفي مع القناة عن تجربتها مع تطورات الوباء، وهي ضمن حديثها تناولت وبغضب استغلال البعض للظرف الراهن فزادوا أسعار بضاعتهم التي حجروها عن الناس. ثم قالت إن أغلب من يفعلون ذلك هم من "الوافدين" وأضافت: لماذا لا نرسلهم لبلدانهم؟ إن كانت دولهم لا تريدهم فارموهم في البر!
كانت كلمتها تلك في لحظة انفعال وغير مبررة. لكن للإنصاف لا بد من الاستماع لكل كلامها من غير اقتطاع. فهي تحدثت عمن يستغلون حاجة الناس أثناء طارئ صحي خنق المجتمعات وأودى بالأرواح – وليس هذا وقت الاستغلال والتكسب من مصائب الآخرين. وهي قالت إن هؤلاء المتكسبين هم أنفسهم من يشكلون عبئا إضافيا على النظام الصحي للبلد الذي يتعرض للضغط الشديد أثناء هذا الوباء، ولهذا – ففي نظرها – هم لا يستحقون البقاء في الكويت.
طبعا هذه التصريحات – والتي أؤكد أنها غير موفقة وغير مبررة – وجدت أفواها تلوكها كشأن كل أمر في منطقتنا، وتنتقدها، فانقسم الناس بين معارض ومؤيد في عراك كلامي شاع حتى وصل كل أقطار الخليج.

هذا اليوم، نشر ابن خالي "حاء" المتخصص في الشؤون البيئية "بوست" على انستغرام يشير إلى تعافي طبقة الأوزون مع اشتداد أزمة الكورونا، حيث بدأت الطبقة الكامنة فوق القطب الجنوبي في التعافي. في كل يوم نرى دليلا على قدرة الطبيعة على حماية نفسها لولا إضرار الإنسان الشديد بها. هذا الإنسان المتجبر الذي هزمه كائن ما لا يرى بالعين المجردة.

Comments

Popular posts from this blog

سادس أيام الحجر.. وباء برتم أرجوحة

سارة وصديقتها

زيارة جميلة