من يتعمد نشر الفايروس؟ ومنظمة الصحة: وباء
الأربعاء 11 مارس
(بعد مرور 75 يوما
من تفشي الوباء عالميا)
كما الضوء،
فالعتمة لها جمالها أيضا. حينما يحيطنا الظلام من مختلف الجهات، يحفز فينا الكثير
من الحواس الأخرى. ليست العيون وحدها التي يمكن أن تنظر. يمكننا رؤية الأشياء
بمختلف الحواس التي منحنا الله إياها. بل قد نرى ونكتشف بتلك الحواس خواصا في
الأشياء التي من حولنا ما لا نره بأعيننا.
وفوق كل ذلك،
تمنحنا العتمة أيضا ما لا يمنحه الضوء - كالسكينة مثلا. كالهدوء أيضا. وكما الأحلام
كذلك. تترتب أفكارنا وتنتظم مثلما تنتظم أنفاسنا. وتنفتح لنا أبوابا ونوافذ ما كنا
لنراها في الضوء.
أمر آخر تمنحنا
إياه العتمة دون غيرها، هو الستر. يستر الظلام عيوبنا. يستر ما نخشى أن يراه
الآخرون فينا. كمشاعرنا التي نخاف أن يعرف بها سوانا. ليس لأننا نحب الخفاء، ولا
لأن فينا ما نخشى إظهاره أو التبليغ عنه. بل لأننا في أكثر الأحايين نعرف أن فينا
ما لا يمكن أن تفهمه إلا قلوبنا.
الخوف من تفشي
المرض بين القادمين من إيران كان مبررا. أعلنت وزارة الصحة اليوم أنه من بين 165
مسافرا كانوا على متن الرحلة الأولى، كان 77 شخصا منهم مصابا بالفايروس فعلا.
وزارة الصحة قامت
بجهود جبارة ونالت استحسان وتقدير الجميع. حرصت الوزارة في تعميماتها الأخيرة على
أن تشير بوضوح إلى ضرورة إجراء الفحوصات الطبية لكل من سافر خلال شهر فبراير إلى
دولة من الدول الموبوءة.
أما اليوم، فوصلني
عبر البريد الالكتروني رسالة التنبيه لطرق الوقاية، مرفقا معها إشارة للقانون رقم
(34) لسنة 2018 بإصدار قانون الصحة العامة والقرارات الصادرة تنفيذا بعقوبة الحبس
والغرامة المالية لكل "من أخفى عن قصد شخصا مصابا بفايروس سارٍ أو عرض
الآخرين للعدوى، أو تسبب عن قصد بنقد العدوى للغير، أو امتنع عن تنفيذ أي إجراء
لمنع انتشار الفايروس".
الرسالة ليست
موجهة لي شخصيا بطبيعة الحال، لكنها من رسائل التوعية التي تقوم بها الوزارة. وهي
وإن كانت تشير إلى التسبب بقصد في نقل العدوى، فقد تساءلت هل يمكن لشخص ما أن
يتعمد فعلا بنقل المرض والأذى؟ فتذكرت بهذا مشاهد رأيتها في الأيام الماضية يقال
أنها التقطت من كاميرات المراقبة في الصين، لأشخاص يقال أنهم مصابون بالمرض، يتضح
من اللقطات أنهم كانوا يتعمدون ترك مخلفات لهم كاللعاب في أماكن عامة مثل مصاعد البنايات
المكتظة بالمرتادين، أو في الأسواق العامة، أو غيرها من الأماكن. في مشهد مثير
للدهشة والاستغراب والاستفزاز والغضب في آن واحد. فكيف لشخص يسعى لأن ينشر المرض
والأذى بشكل متعمد؟!
اليوم، كذلك، نشر
في مجموعات التواصل الاجتماعي بيانا لعالم الدين الشيخ عيسى قاسم يدعو فيه
المواطنين باتخاذ الحيطة والحذر من انتشار وباء كورونا. وداعيا – في توجيه نادر
منه – إلى متابعة التوجيهات الصحية الصادرة من جهات الاختصاص المعروفة، ومن
العارفين في هذا المجال والموثوقين للغرض نفسه..."
نشرت وزارة
الأشغال تعميما حول بعض المخالفات وغراماتها. لم أكن أعلم قبلا أن هناك مخالفة
"لقضاء الحاجة في غير الأماكن المخصصة لها"! كانت الغرامة لهذه المخالفة
تبدأ من 50 دينار وتصل حتى 300 دينار. حقيقة، لا أدري على أي أساس يتم تحديد
المبلغ الذي يجب أن يدفعه المخالف. هل هو نوع المكان؟ أم نوع الحاجة؟
تدربنا في العمل
على بعض البرامج التي تمكننا من العمل المنزلي في حال دعت الحاجة لذلك. وتقتضي
الخطة أن نعمل جميعنا صباح الغد الخميس من خارج المكتب، مستخدمين البرنامج المتفق
عليه، من أجل تجربته كوسيلة لتنظيم الاتصالات بيننا، ولترتيب التواصل بين الزملاء
وعقد الاجتماعات الصغيرة والكبيرة.
الكويت وقطر منعتا
المصريين من دخول الدولتين بعد أن كثرت التساؤلات حول مدى صحة خلو مصر من
الفايروس. فمصر دأبت على التأكيد بأنها خالية من الفايروس طيلة الأيام الأولى
حينما وصل الدول العربية. وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حول دقة هذا الحديث
وغرابته، خاصة بعد أن أعلنت فرنسا ومن ثم ألمانيا عن وصول الفايروس إليهما عبر
مسافرين قادمين من مصر. ظلت مصر صامتة حتى مؤخرا حينما أكدت أن الفايروس قد دخلها
وأنها اكتشفت إصابة بعض المصريين به.
معروف أن الجالية
المصرية تشكل أحد أكبر التجمعات العمالية في الكويت. وقبل أيام، وأظنه في الرابع
من مارس، تظاهر عدد من المصريين المنتظرين الإذن بسفرهم للكويت أمام السفارة
الكويتية في مصر مطالبين بإيجاد حل لهم. فهم أثناء رجوعهم لإجازة الربيع في مصر
تطورت قصة الفايروس شيئا فشيئا حتى وصلت لمرحلة منعهم من السفر.
بعدها بأيام، نشرت
الكويت تعميما بإلزام المصريين بإصدار شهادة طبية بخلوهم من فايروس المرض قبل السماح
بدخولهم إلى الكويت. حينها أظهرت لقطات فيديو مصورة من مصر تظهر تدافع عدد من
المصريين أمام ما قيل أنه أحد مختبرات وزارة الصحة طلبا لشهادة خلو من الفايروس.
كان التدافع خطيرا بلا شك.
اليوم، قطر أعلنت
عن إصابة 233 شخص في مبنى واحد جميعهم من المقيمين دون أن تحدد جنسياتهم. بينما في
الكويت أعلن عن إجازة رسمية لمدة أسبوعين تبدأ من الغد 12 مارس، وتعليق الرحلات
التجارية اعتبارا من الجمعة، ومنع التواجد في المطاعم والمقاهي. كما قامت الدولة باستدعاء
كل الوافدين إلى مركز أرض المعارض الذي أقامته كمركز لفحص الوافدين الراجعين من
السفر.
أما في البحرين،
وبعد أن أكد مسؤولو الصحة لأكثر من مرة أن لديهم خطة للإخلاء، أعلنت بعد عصر اليوم
عن تأجيل الاستمرار في عملية الإخلاء.
مع حلول المساء،
حلت ساعة الحقيقة على هذا الكوكب. فقد أعنت منظمة الصحة العالمية أنها قد صنفت
فايروس كورونا كوباء عالمي. ها قد تحول الخوف إلى واقع، والهاجس إلى حقيقة.
Comments
Post a Comment