بل نحن "هلوعين" كما خلقنا الله


الاثنين 16 مارس
(بعد مرور 80 يوما على تفشي الوباء عالميا) 

في سورة المعارج من القرآن الكريم، كما في غيرها من السور طبعا، مواعظ تهز تقشعر لها الجلود لمن له قلب واع. يقول البارئ فيها: "إن الإنسان خلق هلوعا. إذا مسه الشر جزوعا. وإذا مسه الخير منوعا".
شاهدنا هذه الأيام الكثير من الصور التي تشير لها الآيات. لا نهلع قليلا. بل نحن "هلوعين" كما خلقنا الله. نأنس في الخير وننغمس فيه ناسين إنسانيتنا. لكن إذا "مسنا" الشر – مجرد مس، نصبح جزعين بلا هوادة. كم ينطبق علينا هذا "المس"؟ من فيروس لا تراه العين، ولكنه قادر على الفتك وتغيير التركيبة على وجه الأرض بأكملها. وهكذا تذكر إحدى آيات السورة قرب نهايتها على قدرة الله "على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين".

يبدأ هذا الصباح بخبر مؤلم جديد في البحرين. الوباء الذي أفنى حياة الكثيرين، بدأ يحصد الأرواح بالداخل أيضا. أعلن عن حالة وفاة لمواطنة بحرينية تعاني من أمراض وظروف صحية وكانت إحدى الحالات القائمة لمرضى الفايروس.
اليوم كذلك توفي خامس بحريني من بين العالقين في إيران وينتظرون إرجاعهم.

تمر على الإنسان أوقات يعجز فيها عن اتخاذ الرأي الصواب حينما تزداد الصور أمامه ضبابية. رغم أننا في زمن انتشار المعلومة، إلا أن ما علمتنا إياه الأزمات أن المعلومة لا تكون دائما صحيحة، وأنه لو غاب ولو جزء بسيط منها فلن تتمكن رؤية الصورة الكاملة، ولن تعرف سوى جزء من الحقيقة ولن تعرف إلا بالتمحيص التمييز بين الصحيح والمحرف من الأخبار.

في البحرين وجه ولي العهد إلى توفير مخزون غذائي لفترة لا تقل عن ستة أشهر وذلك لتطمين الناس حتى لا يلجؤوا إلى تخزين الأطعمة كما يفعلون كلما أصابهم الخوف. تجار الطعام يعرفون دائما على بث الخوف في نفوس الناس. ولا يتورعون أبدا عن رفع الأسعار وإخفاء الأغذية، وهذا ما كانت البحرين تتجنب حدوثه.
كانت توجيهات ولي العهد من ضمن جلسة مجلس الوزراء، والتي قرر المجلس فيها الحد من التجمعات التي يزيد فيها العدد عن 150 شخصا.

ما زال هناك استمرار في إقامة صلوات الجماعة، وعقد المناسبات الاجتماعية حتى اليوم. وخطوة الحد من التجمعات كانت متوافقة مع التصاعد في الإجراءات لاحتواء ومنع انتشار الفايروس في المجتمع. وللخصوصية الكبيرة التي تحظى بها بعض التجمعات كالدينية منها وارتباطها بالمعتقدات كان لا بد من أن يتم اتخاذ الخطوات هذه بشكل تدريجي شيئا فشيئا، سيما وأن الفايروس لم يثب أنه امتد للداخل حتى الآن.

في المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزيرة الصحة اليوم، قالت: نتوقع طفرة في أعداد الإصابات ومستعدون لهذا الأمر. الأولوية بالعلاج والعزل ستكون للحالات الحرجة حال زيادة الأعداد.

جميع هذه التصريحات جددت الإحساس والشعور بأن القادم سيكون أسوأ للأسف.

انتشر خوف في الكويت بعد أن نشر أشخاص على وسائل الاتصال الجماعي لقطات مصورة لما قيل أنهم ثلاثة مصريين ألقي القبض عليهم بعد أن تم ضبطهم يرشون "رذاذ كورونا" على سيارات الكويتيين.
ليس من الممكن أن يعرف أحد مدى دقة الخبر على الإطلاق. فهل هؤلاء الثلاثة هم مصريين بالفعل؟ ثم لماذا التصوير هذا مأخوذ بشكل شعبوي بعيد عن الشرطة مثلا؟ وكيف تمكن من قبض عليهم أن ما يرشونه فعلا هو "رذاذ كورونا"؟ بل، ما الذي يعنيه رذاذ كورونا؟

البيان الرسمي الوحيد الذي نسب لوزارة الداخلية الكويتية بعدها أوضح: "أنه تم ضبط الوافدين الثلاثة عقب ظهورهم في مقطع فيديو وبحوزتهم علب مشابهة للعلب التي تحتوي مواد تنظيف إضافة إلى وجود مخلفات قمامة متنوعة." ومضيفا: "إن الوافدين ذكروا عقب التحقيق الأولى معهم أنهم يعملون بمنطقة جابر الأحمد وأن المواد المضبوطة بحوكتهم عبارة عن مخلفات تم تجميعها من صناديق القمامة لإعادة بيعها."

يتضح هذا أيضا من الأخبار المنشورة في العالم. وهذا ما أكدت عليه بعدها بيانات نشرتها صحيفية "ديلي ميل" في بريطانيا تشي بأن رؤساء الصحة يتوقعون استمرار الفايروس لمدة 12 شهرا أي حتى ربيع 2021، وأنه من المتوقع إصابة 80 في المائة من سكان بريطانيا.

Comments

Popular posts from this blog

سادس أيام الحجر.. وباء برتم أرجوحة

سارة وصديقتها

زيارة جميلة