ثالث أيام الحجر المنزلي


السبت 21 مارس
(بعد مرور 85 يوما على تفشي الوباء عالميا)
(ثالث أيام الحجر المنزلي)


 (الصور للمبدع نادر البزاز)

أصبحنا على جو مطير هذا الصباح. المطر بالنسبة لي مثل المرساة للسفينة. فكما تثبت المرساة السفينة وتبقيها ساكنة، فالمطر يعيد لي اتزاني حينما يهطل.
صوت قطرات المطر وهي تسقط على مختلف الأسطح مشكلة لحنا غير متواتر في الإيقاع والشدة. رائحة الأرض التي تنبعث من امتزاج الماء بالتربة. الغيم الذي يسير بطيئا بثقل ومباهاة يستعرض مختلف الأشكال يدهش بها العيون والقلوب. الألوان الحقيقية التي تظهر لكل ما حولنا بعد أن ينظفها الماء. اشتداد اللون الأخضر للزرع، واحمرار الورد، واصفراره. الرائحة مرة أخرى وهي تتسلل عبر الأنف باعثة راحة نفسية وسكون. الهدوء الذي يعم المكان فلا يسمع إلا صوت الماء حينما يلامس الأرض. للمطر قدرة لم يؤتها غيره في خلق الصمت. الوحيد الذي بإيقاعه "الصامت" يسكت جميع الأصوات. يأتي على حين غرة، بصمت، يجمّل الأشياء ثم يمضي بصمت مرة أخرى.
كأنه رسالة سلام من السماء. دائما وثقت بالمطر في بعث شعور الطمأنينة بداخلي.
الخير النازل علينا من الأعالي كثير. لكن كيف يتم توزيعه؟ هناك أقطاب تنجح في استقطابه لها مثل المغناطيس لمهارات آتاهم الله إياها قد تكون مميزة أو بسيطة أحيانا. وهذه الأقطاب إما تعيد توزيع الثروة التي تصلها، أو تبقيها لنفسها وتحجرها على ذاتها.
الأثرياء من جميع أنحاء العالم رصدوا ملايين الدولارات لمكافحة الفايروس. هناك من اهتم بالبحث عن عقار له. وآخرون اهتموا بمنع انتشاره. لكل منهم كان دور حرصوا على القيام به بسخاء. إلا أثرياء المنطقة حتى اليوم بقوا كسالى في اتخاذ خطوة نحو هذا الاتجاه. وكما كتبت تغريدة قبل أيام متسائلا عن دور القطاع الخاص في القيام بمهماته تجاه المجتمع وسط اهتمام حكومي بارز، فاليوم لفت انتباهي خبر من إيطاليا، لاثنين من مشاهير التواصل الاجتماعي دشنا هناك حملة لمكافحة المرض فتبرع من خلال حملتهما الكثيرون حتى جمعا مالا يكفي لبناء مشفى سريعا مجهزا للمساهمة في علاج المصابين!
تساءلت بدوري: ما الذي فعله مشاهير التواصل الاجتماعي لدينا؟ أفضلهم لم يتعد القيام بعمل أو اثنين للتوعية صورهما لنفسه يتحدث للكاميرا من باب "فعل الواجب" والاكتفاء بكلام يوجهونه لمتابعيهم من خلال حساباتهم – وبعضهم استغلال للظرف لا أكثر. لا يوجد جهد حقيقي حتى اليوم – أقلها بشكل معلن – يظهر تحركهم في هذا الاتجاه أو ذاك للقيام بعمل يفيد المصابين، أو المحجور عليهم، أو الممرضين والأطباء، أو غيرهم ممن هم في خط المواجهة الأول لمكافحة هذا الوباء. كما لم يعلن أي منهم أنه سجل نفسه متطوعا في المبادرة التي أطلقها فريق البحرين طلبا للمتطوعين.
لم يعلن أي منهم حتى تكفله بوجبات ليوم واحد، بل ولا لوجبة واحدة، لمن هم في الحجر! جميع الإعلانات التي وصل بعضهم لتقاضي آلاف الدنانير للواحد منها، والتي لا بد أنها أثرتهم حتى أثيرت حولهم الأسئلة والمسائلة في دول مثل الكويت، لم نر أي منهم أنفق ولو جزء يسيرا من تلك الأموال ولا حتى لشراء كمامات ووزعها بين الناس!

قبيل الظهر، أعلن "ميم جيم" على حسابه الإخباري عن رحلة قادمة من مدينة مشهد الإيرانية. لم يصدر خبر حتى اللحظة ليعلن عن قدوم رحلة من إيران. لكن قبل حلول المساء جاء نفي الجهات الرسمية لهذا الخبر مفسرة أن الرحلات المشار إليها هي رحلات سابقة ملغاة أصلا.

يصادف اليوم عيد الأم الذي يقع في الحادي والعشرين من شهر مارس من كل عام. بما أني لم أذهب بيت أبي لغداء الجمعة (وهو اليوم الوحيد الذي أزور فيه بيت الوالد بحجة انعدام الوقت)، قمت بالاتصال بأمي وأبي هاتفيا لأطمئن عليهما ولأهنئهما بالمناسبة. طمأنني أبي عليهما وتحدثنا يمينا ويسارا عن آخر مشاويرنا قبل الوضع الحالي.
واحتفاء بالمناسبة، وجه ملك البلاد إلى إعطاء إجازة عن العمل لجميع الأمهات العاملات في الدولة. الطريف أنه بعد الإعلان، وفي ذات المساء، طلبت إحدى الجهات من الأمهات العاملات إثبات أمومتهن عن طريق تزويد جهة عملهم بنسخ من بطاقات الهوية للأبناء. القرار بدى لي غريبا جدا، فنحن نعلم أن بيانات المواطنين مسجلة في أنظمة الدولة وعلى إثرها تتخذ الكثير من القرارات والإجراءات، إلا إذا كنا لا زلنا نعتمد على الإثباتات الورقية والإجراءات اليدوية حتى لو كنا نملك البيانات الكترونيا في أنظمتنا. لا أدري!

أخبار متفرقة من اليوم:
-       أكثر من 30 ألف سجل للتطوع
-       التجارة تغلق 10 مطاعم لمخالفتها قرار اقتصار الأنشطة على الطلبات الخارجية
-       أهالي المالكية يقومون بحملات توعية وتعقيم في قريتهم

Comments

Popular posts from this blog

سادس أيام الحجر.. وباء برتم أرجوحة

سارة وصديقتها

زيارة جميلة